استهتار وجشع وجنون

كم هو مروع ان تعود لمنزلك بعد يوم شاق..مكتظ بالمهام

تتلهف لسريرك وبعض الهدوء..وقليل من دفء منزلك

لكنك تلتفت حولك

لتجد المساحة المخصصة للبرج الذى تسكن فيه وفيها غرفتك

وسريرك وكل ماتملك ..أنت وعائلتك

فجاءة تحولت لبقايا ركام خرسانى

ذاك البرج القائم الشاهق وما حواه من أحلامك

من أيامك

من كل شئ ..كل شئ إختزل فى بقايا

بقايا ولا شئ

..
ربما تكون محظوظاً لو لم تكن ودعت امك صباحاً

وتركتها فى المنزل تحاول ان تكسر وحشة الوحدة

وتفتح تلك النوافذفى غرفتك

وغرفة الطعام و غرفة اخوانك..

وتسمح لأشعة الشمس بالتسلل رويدا..رويدا..حتى تملأ المكان بالدفء

هى لم تكن تعلم أن الشمس

كانت تمارس طقوس الوداع للبرج

ستكون محظوظا أكثر لم تترك والديك يشاهدان قناة الجزيرة

وكعادتك تنتهدش"حد يشوف الجزيرة على الريق" ولكنك لاتنتظر رد

فالرد معروف..ينتظرون الأخبارخبر..خبر ما

العالم كله شاهده..وهما لم يشاهداه

لم ينقطع التيار..لم يفسد الارسال

ولكنه البرج باكمله صار خبر..خبر فى قناة ما

لا أدرى لماذا تعلمنا ان أقصى ارتفاع للمبانى الخرسانية فى بلادنا36 م لا أكثر

حتى اننى بدأت أشك فى معلوماتى لأقصى درجة

لماذا يقف أستاذ جامعى محترم أمامنا يوميا وعلى مدار اربع أعوام

لا هم له ولا انا سوى اثبات قاعده هامة

التربة فى بلادنا لاتتحمل..

لماذا يجهدون أنفسهم ويجهدوننا فى حفظ اثباتات الأساسات والأحمال والعلاقة بينهم

check وكيف يمكنك عمل
على القطاعات كاملة وعلى التسليح وعلى كل ما لديك

لماذا نكابد ذاكرتنا فى حفظ معاملات الأمان والحد الأقصى والحد الأدنى من كل شئ

حتى اننى لا أدرى لماذا لدى كل أكوام الورق تلك

التى ندرس فيها الخرسانة والأساسات وضغوط التربة

طالما ستذهب الأوراق وغرفتى وأحلامى وشقتى

وسيذهب أبى وستذهب أمى

وتبقى أنقاض الجريمة

ويبقى استهتار المحافظ

و جنون مهندس

و جشع صاحب البرج

وضحكة خبيثة يتردد صداها فى أذنى لكل أطراف الجريمة

و

بقايا من حلم

و غبار يحمل آخر أنفاس الأحبة

و ورقة حوت جدولا

..خرسانة ..أساسات..منشآت معدنية

ثم

نهاية الورقة

و

الصمت القاتل

حداداً أو استسلاماً

======